الأهلي يُعيد تشكيل سياسته التعاقدية: تركيز على الاحتياجات الفنية وتصفية الصفقات غير الفعالة استعدادًا للميركاتو الشتوي

في خطوة استراتيجية تُعدّ بمثابة تصحيح مسار بعد موسم صيفي حافل بالتحديات، قرّرت إدارة الكرة بالنادي الأهلي إجراء تغيير جذري في سياستها التعاقدية استعدادًا لفترة الانتقالات الشتوية المقبلة، حيث تتجه الإدارة إلى اعتماد نهج أكثر دقة وانضباطًا، يُركّز على سدّ الاحتياجات الفنية الفعلية للفريق فقط، بعيدًا عن الضجيج الإعلامي أو السعي وراء الأسماء "الرنّانة" التي لا تُقدّم الإضافة المطلوبة على أرض الملعب.

وجاء هذا القرار بعد تقييم داخلي شامل لفترة الانتقالات الصيفية الماضية، والتي شهدت إبرام صفقات كبيرة — من حيث التكلفة والشهرة — لكنها لم تُترجم إلى تحسين ملموس في أداء الفريق أو نتائجه، بل على العكس، عانى الفريق من تراجع ملحوظ في الاستقرار الفني، ما دفع الإدارة إلى إعادة النظر في منهجيتها، واعتماد مبدأ "الجودة قبل الشهرة" و"الاحتياج قبل الإغراء

وبحسب مصادر داخل النادي، فإن مسؤولي الأهلي يعملون حاليًا على ترتيب أولويات الفريق بدقة، تمهيدًا لتحديد المراكز التي تحتاج إلى تعزيز فعلي خلال الميركاتو الشتوي، والتي من المتوقع أن تشمل بالأساس:

الظهيرين الأيمن والأيسر، نظرًا لغياب العمق والاستقرار في هذين المركزين.

قلب الدفاع، خاصة مع تكرار الأخطاء الدفاعية وغياب البدائل المؤثرة.

المهاجم الصريح، وهو الأشد إلحاحًا، بعد رحيل الفلسطيني وسام أبو علي إلى نادي كولومبوس كرو الأمريكي، والذي خلّف فراغًا هجوميًا كبيرًا لم يتم سده حتى الآن.

وفي سياق متصل، تدرس إدارة الأهلي إمكانية تسويق المدافع المغربي أشرف داري خلال فترة الانتقالات الشتوية، في خطوة تهدف إلى تحرير مكان في قائمة اللاعبين الأجانب، وفتح الباب أمام ضم مهاجم أجنبي من العيار الثقيل قادر على قيادة خط الهجوم وتعويض غياب أبو علي.

وتأتي هذه الخطوة في ظل تقارير طبية وفنية داخلية تُشير إلى أن داري لم يُقدّم العائد المأمول منه، بسبب تكرار إصاباته وغيابه لفترات طويلة، آخرها إصابته الأخيرة في مواجهة بيراميدز، والتي جعلته خارج حسابات الجهاز الفني لأسابيع مقبلة. كما أن استمراره في القائمة الأجنبية يُعدّ عبئًا على الفريق، إذ يحتل مكانًا كان يمكن استغلاله لضم لاعب أكثر فاعلية وتأثيرًا.

ولا يمانع مسؤولو الأهلي في التفاوض مع أي نادٍ — سواء في الخليج أو خارجه — يبدي رغبته في التعاقد مع داري، حتى لو كان ذلك بصفقة انتقال حر أو مقابل مالي رمزي، طالما أن ذلك يخدم المصلحة الفنية للنادي ويُعيد التوازن إلى قائمة اللاعبين الأجانب.

يمثّل هذا التحوّل في السياسة التعاقدية محاولة جادة من إدارة الأهلي لتصحيح الأخطاء السابقة، والابتعاد عن "الاندفاع العاطفي" في التعاقدات، والاتجاه نحو الاحترافية والتخطيط طويل المدى. فالنادي لم يعد يبحث فقط عن لاعبين يملأون المدرجات أو يتصدرون عناوين الأخبار، بل عن عناصر قادرة على تقديم قيمة فعلية داخل الملعب، وتتماشى مع الرؤية الفنية للجهاز التدريبي.

ومن المتوقع أن يشهد الميركاتو الشتوي القادم تحركات دقيقة ومدروسة من جانب الأهلي، قد لا تكون مبهرة إعلاميًا، لكنها — إن نجحت — ستُحدث فرقًا حقيقيًا في أداء الفريق ونتائجه خلال النصف الثاني من الموسم، خاصة مع استمرار المنافسة في البطولات المحلية والقارية.


أحدث أقدم